الثلاثاء، 19 مارس 2013

نقص المياه سياسة دولية أم تغير مناخي

جامعة ميسان 
 كلية التربية الاساسية  / قسم الجغرافية
م.م. ميثم عبد الحسين الوزان
 





          يعالج هذا الموضوع من خلال تتبع المعطيات الأساسية التي وردت في العنوان والتي تضم طبيعة المشكلة المتمثلة بنقص الإيراد المائي الواصل للقطر والوقوف على مسبباتها التي تم حصرها بالتغيرات المناخية أولا , وطبيعة السياسات التي تنتهجها دول المنبع ثانياً .
       من تتبع الإحصاءات المائية التي وردت في الدراسات السابقة والتي تعود للسبعينيات من القرن الماضي كدراسة الأستاذ الدكتور مهدي الصحاف وما تبعها أو تتزامن معها مثل دراسة الأستاذ الدكتور وفيق الخشاب نجد ان الحصة المائية الواردة للعراق في تناقص مستمر اذا ما قورنت بالدراسات الحديثة , فمن المعلوم ان العراق يعتمد بشكل رئيسي على كمية المياه الواردة خلال نهري دجلة والفرات وروافدهما لغرض سد كافة المتطلبات الحياتية وعلى رأس القائمة المتطلبات الأروائية .
     بلغ معدل مجموع الايراد السنوي لنهري دجلة والفرات للمدة بين 1952 – 1972 حوالي (77 مليار متر مكعب ) موزعة بواقع (47  مليار متر مكعب ) حصة نهر دجلة و(30  مليار متر مكعب ) حصة نهر الفرات , الا ان هذه الارقام سرعان ما بدات هذه الارقام بالهبوط المضطرد وصولاً الى (49  مليار متر مكعب ) كمعدل لمجموع الايراد السنوي للمدة  ( 2000 – 2010 ) مما يعني ان هنالك نقص في التغذية بمعدل ( 28 مليار متر مكعب ) , توزع النقص على نهري دجلة والفرات بواقع ( 11 مليار متر مكعب ) من حصة نهر دجلة , ( 17  مليار متر مكعب ) من حصة نهر الفرات , مما جعل الاخير الاكثر تضرراً .
من هنا تبرز المشكلة اذا ما عرفنا بأن الاحتياج الفعلي للعراق من المياه يتعدى ال (77 مليار متر مكعب ) حيث يشكل عجز واضح في الميزان المائي العراقي , والذي احد أسبابه نقص الايراد من دول المصدر .
       لعبت التغيرات المناخية خلال العقود الاخيرة  دوراً بارزاً في تأثيرها على كمية الايراد المائي وذلك بأندفاع خط المطر المتساوي الى الشمال من موقعه السابق من خلال تحول مساحات واسعة من الزراعة الديمية الى الزراعة المروية , وما يترتب على ذلك من أثار سلبية على كمية الاستهلاك المائي أولا وجفاف الأراضي التي كانت تستلم كميات قليلة من الامطار ثانيا , خصوصاً مع ترافق ارتفاع معدلات درجات الحرارة ومعدلات التبخر .ومن خلال امعان النظر في الخرائط الطقسية والمناخية لدول حوض دجلة والفرات , نجد انها هي الاخرى تأثرت بمقدار الثلوج المتساقطة عليها مما جعلها تأخذ بالحسبان الحيطة والحذر من انخفاض كمية المياه المتجددة , وتزامناً مع رغبة تركيا وايران بإنتاج الغذاء بشكل يتيح لها الانفتاح على الاسواق العالمية .
       انشأت تركيا (22) سداً متباين السعة اكبرها اتاتورك حيث تم استصلاح اكثر من (2) مليون هكتار أستغلت لزراعة الحبوب والبقوليات على مستوى التصدير والتنافس في السوق العالمية على حساب نقصان الحصة المائية الواردة الى العراق من نهري دجلة والفرات وروافدهما , ومن تتبع الحسبابات المائية للنهرين نجد الفرات هو الاكثر تضرراً حيث بلغت المساحة المستصلحة على نهر الفرات تقر ب (1,5 ) مليون هكتار .
مما سبق نجد ان الجانب المناخي لعب دوراً مباشراً في كمية الايراد المائي عن طريق انخفاض كمية التساقط وارتفاع نسب التبخر .
     اما العامل السياسي يتعلق بالزيادة السكانية السريعة والتي تحتم على الدول ضرورة تأمين الغذاء عن طريق التوسع الأفقي والعمودي في الجانب الزراعي وهذا تعني تأمين حصة مائية اضافية , فالماء اليوم يعامل كسلعة معروضة للبيع كسلعة قابلة للنفاذ فهو يدخل من باب المساومة السياسية وهذا ما نراه خلال المستقبل القريب .